in

تطور الزراعة

لمْ يَكتفِ أسلافنا القُدامى بذلك فحسب، بل اكتشفوا الزراعة و تعلّموها أيضاً، حيثُ بدأت غريزتهم الفطرية من أجل البقاءِ و الحياةِ تدفعهم لتعلّم المزيد عنها ، وقد لاحظوا أنّ بذور بعض الثمار التي كانت قد ابتلعتها الطيور و الحيوانات الأُخرى ثمّ طرحتها مع فضلاتها كانت قد نبتت بالفعل. كذلك نقلت الرياح و المياه مثل هذه البذور معها من مناطق انتشارها الأصلية إلى مناطق جديدة لم تكن تنتشر فيها من قبل، و هذا ما يفسّر غزو أصناف أو أنواع من النباتات لمناطق لم يسبق لها أن وُجِدَت فيها.

بدأ الإنسان بالفعل بفهمِ الطبيعةِ أكثر و التعلّم منها, و استخدم كل ما يلزم من إمكانياتٍ لتطويرِ السُبلِ و الوسائل التي تُؤمّن بقاؤهُ و استمراريته على سطح هذا الكوكب ، فعمد إلى تطوير أساليب الزراعة وتقنيات الريّ و جر المياه ورفعها وتوزيعها ضمن الحقول أو تخزينها لمواجهة سنين الجفاف.

وصلت الزراعة في العصور الحديثة إلى أماكن غاية في التعقيد و التطوّر, لدرجة أنّهُ كان من الصعب على أدمغتنا استيعابُ كل هذه الإمكانيات و الاكتشافات المُذهلة على الصعيد الزراعي ، خصوصاً مع اختراع المجهر الضوئي ودراسة الخلية وصولاً إلى اختراع المجهر الإلكتروني الذي مكّن العلماء من إجراءِ دراساتٍ و تجاربَ على الخلية قادت إلى فهمِ هذا النظام المتناهي الصغر و المعقّد بطريقةٍ أفضل و أعمق ، و معرفة أجزائها و محتوياتها و دراسة كل جزء مكوّن لها على حدى ، و فهم وظيفته و طريقة عمله.

كل هذه الاختراعات و الإنجازات و الدراسات العلمية المتسارعةِ مكّنتنا اليوم من الوصول إلى المادة الوراثية للخلايا، كما مكّنتنا من فكّ شيفراتها و اختراقها ، الأمر الذي كان مُستحيلاً قبل ذلك. وها نحن ذا نلمسُ لمسَ اليد هذه الإنجازات العلميّة التي أصبحت واقعاً لا يمكن نكرانه ،  فنحنُ نرى كيف استطاع العلماء تهجين النباتات مع بعضها ، و التعديل على جيناتها للحصول على أصنافٍ أكثرَ كفاءةً من الناحية الإنتاجيةِ وأقل عُرضةً للأمراض و الآفات وأكثر قدرةً على المقاومة و التكيّف مع الظروف البيئية القاسية.

إنّ فضول الإنسان و سعيه الدائم للحصول على المعرفة مكّناهُ من تحقيق كل هذه الإنجازات ، لكن  حاجة الإنسان المُتزايدة و زيادة الطلب على الغذاء الذي كان قليلاً بالمقارنة مع ارتفاع الكثافة السكّانية ، كما أنّ سوء استعمال الإنسان للأرض و استنزاف مواردها و تعريتها من غطائها النباتي الطبيعي كانت أسباباً رئيسيةً لمشكلة شحّ الغذاء و نقصهِ وعدم كفايتهِ حاجات السكّان.

أمام هذه المخاطر و التحديات باتَ علينا تكثيف الإنتاج الزراعي من خلال اعتماد تقنيات أكثر حداثة في الزراعة تضمن لنا زيادة في الإنتاج بحيثُ نكفي احتياجاتنا, مع مراعاة الحفاظ على الأرض وعدم هدر مواردها أو استنزافها لضمان بقائها للأجيال المُقبلة.

Report

Written by Hya H Maklad

What do you think?

Leave a Reply