in

علاقة القانون بالأخلاق

الأخلاق هي قانون الجماعة الملزم في المراحل الأولى من التاريخ البشري وذلك بغضّ النظر عن مدى قربها أو بعدها عن معاني العدالة والخير المطلق.

تعريف الأخلاق

هي نظامٌ اجتماعيٌّ معياريٌّ غير مكتوب وغير ملزم يحدد الآفاق القانونية للمجتمع في مرحلةٍ زمنيةٍ معينةٍ ويتكون من مجموعة قواعد أخلاقية.

تأثير الأخلاق في القانون تاريخياً

النظام الأخلاقي ليس وليد الصدفة والقواعد الأخلاقية هي ردّة فعل وجدانية تنقلب من ظاهرة إلى موقف تحت ظروف ومعطيات وشروط معينة.

والقوانين المكتوبة التي وضعت بعد تعلّم الكتابة كذلك هي ليست وليدة الصدفة لأنّها كالقاعدة الأخلاقية تمثل قيمة اجتماعية وتترجم مستوى المرحلة الاجتماعية التي وضعت خلالها وتراعي ظروف وشروط ومعطيات وأخلاق هذه المرحلة.

فالأخلاق والتقاليد العامة شكّلت مادة القانون المكتوب عند بدء التدوين إلى جانب الظروف الموضوعية التي كانت جديرة بالاعتبار أثناء وضع القانون المكتوب وذلك من وجهة نظر واضعيه على الأقل وبما أنّ الأخلاق والتقاليد وجدت في ظروف يكتنفها الغموض وعدم التحديد وعدم التساوي في المراكز الاجتماعية فإن القوانين التي استوعبتها هي قوانين متخلفة ولكن المكسب الأساسي الذي حققه القانون المكتوب هو أنه سلبها خاصية الإلزام.

بعد ذلك بدأت مرحلة التباعد النسبي بين الأخلاق والقانون والسبب في ذلك هو أن القانون يخضع في حركته إلى نسبة تسارع أقلّ منها في الأخلاق وذلك لأنه يمر عند تغييره بجملة إجراءات وتعقيدات يجب مراعاتها من جهة ثمّ إن واضعيه غالباً ما يجردونه من مضمونه الاجتماعي ليكون مجرد أداة للتسلط والحكم والحفاظ على الامتيازات من جهةٍ ثانية.

الموقف التقليدي من العلاقة بين القانون والأخلاق

بالرغم من احتلال القانون موقع المنظم الإلزامي للعلاقات الاجتماعية فإنّ مسألة التفريق بينه وبين الأخلاق لم تعرض إلا في القرن الثامن عشر وذلك نتج غالباً عن استمرار الشعور الوجداني بأهمية دور هذه العلاقات.

وقد قامت في القرن الثامن عشر النظرية التقليدية بزعامة توماسيوس وفيشت للتفريق بين القانون والأخلاق وأهم الفروق التي طرحتها تلك النظرية هي:

اختلاف الغاية والهدف

تهدف الأخلاق بصورة رئيسية إلى تحقيق المثل الأعلى لخير الإنسانية وإلى الطمأنينة والسلامة الداخلية للإنسان إلى درجة تقربه من الكمال أي أنّ القاعدة الأخلاقية تسعى إلى كمال الإنسان وتعنى به منفرداً بذاته.

أما القانون فينحصر هدفه في استقرار النظام في المجتمع وتأمين الطمأنينة والسلامة العامة الخارجية أي أنّ القاعدة القانونية تعنى بتنظيم السلوك الخارجي للأفراد في المجتمع.

اختلاف المجال والنطاق

تتناول الأخلاق سلوك الإنسان تجاه نفسه وتسهم في التهذيب الذاتي وتكوين الأخلاق الشخصية أو الفردية من ناحية وتهتم بالتكوين الأخلاقي للمجتمع أي بعلاقة الإنسان الأخلاقية بغيره من أفراد المجتمع ونواياه الخفية والظاهرة من ناحية أخرى.

أما القانون فلا شأن له إلا برقابة السلوك الخارجي ووضع الأحكام المتعلقة به من أجل ضبط نظام العلاقات الخارجية لأفراد الجماعة.

اختلاف الثواب والعقاب

إن ما يميز القانون هو الإلزام فهو مؤيد من قبل الدولة التي تفرض أحكامه بالقوة عند الحاجة أما الأخلاق فهي تتحرك في إطار الضمير العام في المجتمع.

وفي الختام لا يسعنا إلا أن نسلم بالتقارب بين القانون والأخلاق والتداخل بينهما لدرجة أنّ القانون أخذ يتغلغل في صميم التفكير الداخلي للفرد.

Report

Written by Muhammed Saleh

What do you think?

Leave a Reply