in

المراهق في المدرسة

لاشك أنّ للمدرسة تأثيراً قوياً في تشكيل مفهوم المراهق عن ذاته،ومن سيكون، فمنذ السادسة من العمر توفّر المدرسة للناشئ فرصاً لاختبار قواه واكتشاف قدراته وجوانب عجزه وقصوره وفي المدرسة قد يتعرض الناشئ للإخفاق أو النجاح وقد يتقبّل شخصيته أو يرفضها على الرغم من خصالها وسماتها.

ويعتبر دور المدرسة فعّالاً جداً في حياة الناشئ ،والناشئ نفسه يقدّر أثرها في حياته ويعتبر تقدّمه أو تأخره في المدرسة أمراً مصيرياً بالنسبة له.

الأخلاقية المدرسية للمراهق

يرى المرء عند معاينته للمدرسة الحديثة الكثير من الجوانب المشرقة والأمور الباعثة على الاعتزاز بالناشئة،إلى جانب الكثير من الجوانب المعتمة التي تفرض مواجهتها بواقعية،فمن الجوانب المشرقة أنّ هناك آلاف المراهقين الذين يجدون متعة كبيرة في المدرسة ويعتبرون العمل المدرسي واجباً مقدساً ويستغلون أوقاتهم جيداً فيها بمعونة آلاف المعلمين القادرين الذين يضحون بوجودهم في سبيل تنشئة الأجيال.

إلّا أنّ الأعداد الضخمة المتدفقة إلى المدرسة الثانوية تفرض عليها أن تحاول الاستجابة لفروق ضخمة في القابليات العقلية ولفروق مماثلة في سمات الشخصية وعلى المدرسة الحديثة أن تعمل في الوقت نفسه على تشجيع فئة كبيرة من التلاميذ تجبر على دخول المدرسة استجابة لرغبة الأهل،ومن المعلوم أن التلميذ المكره على دخول المدرسة شخص شقي وقد يسبب الشقاء لمعلميه ويتصاعد التوتر من تلميذ أكره على دخول المدرسة إلى معلم أكره على تعليم تلميذ لا يرغب بالتعلم.

ولابد من الإشارة إلى أنّ الأدلة العلمية المتوفرة تجمع على تدهور الأخلاقية المدرسية للتلميذ بانتقاله من الصفوف الابتدائية إلى الثانوية. ويغدو التلميذ المتقدم في صفوفه الدراسية أقلّ تلهّفاً للأعمال المدرسية وأكثر ميلاً للتذمر وأكثر اهتماماً بفترات الراحة والألعاب والرياضة منه بالمدرسة والعمل المدرسي ويبدي تلميذ الثانوية كرهاً للمعلم يفوق نظيره لدى تلميذ الابتدائية، ويمتد كره المدرسة إلى الفعاليات كلها المرتبطة بها.

وليس عجيباً أن يكره المراهق المدرسة لعجزها عن تقبّل الكثير من ميوله واهتماماته الصاعدة، وأن يلجأ إلى التعبير عن تلك الميول والاهتمامات خارج جدران المدرسة.

ولاشك أن المراهقة كونها جسر الانتقال من الطفولة إلى الشباب هي مرحلة نقدية حرجة مشحونة بالمصاعب والأزمات التي ترافق عملية تأكيد الذات في عالم الآخرين خلافاً للطفولة التي تتسم بأنها مرحلة تقبلية خضوعية تلقفية، ثمّ إنّ مطالب المدرسة الثانوية وفعالياتها تتخطى كثيراً مطالب المدرسة الابتدائية، وتذكّر الناشئ بالوقائع المؤلمة في حياته والمتمثلة باختياراته المهنية والدراسية والاجتماعية وبتصوراته العقلية والمادية وعلى العموم فإنّ المدرسة الثانوية ببرامجها العاجزة عن إرضاء اهتمامات المراهق.

ومعلميها وإدارييها العاملين في إطار الأنظمة المدرسية الراهنة تعجز عن قيادة المراهق إلى رؤية المعاني والقيم الكامنة في ما يتعلم ولا تمكّنه بصورة كافية من استخدام معارفه المكتسبة على أرض الواقع مما يبقيه عاجزاً عن مواجهة مشكلات حياته الواقعية المهنية والشخصية.

لقد دلّت إحدى الدراسات على أن 87%  من التلاميذ أكدوا أن ما يرغبون في تعلمه هو مواد تفيد في تنمية الذات وفي الإعداد للمهنة وألحوا على ضرورة اشتراك المعلمين في دراسة مشكلاتهم وتعرّف مصاعبهم المدرسية والعامة.

ومن الواضح أنّ التلميذ الذي يعاني من كراهية المدرسة يبحث عن شيء لا يجده فيها، والنتيجة المستخلصة مما سبق هي أن نقطتي الضعف البارزتين في المدرسة الثانوية هما المنهاج القائم على تعليم المواد التقليدية التي تعجز عن مس الوجود الإنساني للمتعلم بصورة كافية والمعلم العاجز عن فهم المراهق وحاجاته وصعوباته في التكيف.

لذلك من الضروري العمل على رفع مستوى الكفاية التربوية للمعلمين وتحسين المناهج المدرسية وتكييفها لاهتمامات المتعلمين المتنوعة.

Report

Written by MONA AHMAD

What do you think?

Leave a Reply