in

صناعة المجتمع القارئ

من الصور الحضارية للمجتمعات المتقدمة والمثقفة كثرة إقبال أفرادها بمختلف مستوياتهم العلمية والفكرية والاجتماعية على القراءة حتى أصبح الفرد منّا يتصور أن تلك المجتمعات مصابة بالتعطش للقراءة إن صحّ التعبير.

وهو في الحقيقة ليس مرضاً وإنّما هو حالة صحية قوته الدافعة حب الاستطلاع والمعرفة عند الإنسان ،فنجد أحدهم لا يبرح مكانه إلا وفي يده كتاب ما ،مما ساعد على انتشار كتب الجيب بصورة كبيرة في تلك المجتمعات.

ولكن لو نظرنا إلى المجتمعات الأخرى والتي تمثّل صورة مغايرة لتلك المجتمعات نرى أفرادها وعلى اختلاف مستوياتهم يقتلون أوقاتهم بأمور هامشية أو ثانوية إن لم تكن مضرّة بالإنسان والمجتمع والدين وتضيّع ساعات العمر سدى.

إن الكثير من أبناء المجتمعات لا يعرفون القراءة إلا قبل ساعات الامتحان وذلك من أجل الحصول على الشهادة العلمية فعندما تسأل الطالب في الجامعة على سبيل المثال ماذا تقرأ؟ يجيبك تكفينا المواد الدراسية وكتب التخصص فإذا كان هذا مستوى تفكير الطالب الجامعي فما هو حال طالب الثانوية أو غيرها من المستويات الأقل ثقافة ونضوجاً.

كيف نستطيع أن نصنع مجتمعاً قارئاً محباً للعلم والتعلم ومندفعاً نحو القراءة والكتاب؟

هناك العديد من العوامل التي من الممكن أن تلعب دوراً كبيراً في تنشيط عادة القراءة عند أبنائنا وهي:

دور الأسرة في تنمية عادة القراءة لدى أطفالها

تعتبر الأسرة العامل الأول في ذلك فهي تؤثر في شخصية الطفل الذي يقوم بتقليد أبويه الذين يعتبرهما قدوة له فلو فتح الطفل عينه على الحياة ورأى أباه وأمه يقرأان بين الفينة والأخرى فإن تلك الصورة لن تغيب عن الابن حتماً وسيعمل عاجلاً أم آجلاً على محاكاتها.

دور المدرسة في تنمية عادة القراءة عند الأطفال

إن إعداد الطفل القارئ ليست مسؤولية الأسرة وحدها فحسب ولكنها مسؤولية المدرسة أيضاً والمدرسة الابتدائية هي الأساس لذلك.

ومن البديهي أنّ من أهم الأغراض التعليمية توجيه الأطفال نحو الكتب لا لمجرد تعليمهم كيفية قراءتها وإنما لجعلهم يستمتعون بصحبتها.

إذاً علينا أن نبدأ البناء من الأسفل وليس من الأعلى فنركّز على الطفل الذي هو شاب المستقبل ونضع برامج تعليمية ومقررات دراسية نبرز فيها بصورة واضحة أنّ المكتبة والكتاب وغيرهما من الوسائل التثقيفية هي العماد الذي يعتمد عليه الطالب فنربي في الطفل عادة القراءة والقراءة الحرة.

دور المجتمع في تنمية عادة القراءة

تقع على أبناء المجتمع كله مسؤولية كبيرة في غرس حب القراءة في نفوس أبناء المجتمع صغاراً وكباراً وذلك عن طريق مختلف الأساليب المتاحة والممكنة ونخص هنا العلماء والمثقفين دون غيرهم لأنهم يجب أن يكونوا في مواقع القدوة والتأثير على أبناء المجتمع ويمكن أن يمارسوا هذا الدور عن طريق إقامة الندوات والمحاضرات التي تركز على هذا الموضوع المهم، وأيضاً عن طريق إقامة المسابقات الثقافية المشجعة وغيرها.

ولا ننسى ضرورة مشاركة أبناء المجتمع في إنشاء المكتبات العامة والعمل على تطويرها من أجل الترويج لعادة القراءة في المجتمع.

دور الإعلام في تنمية عادة القراءة

للإعلام دور هام في الترويج لعادة القراءة في المجتمع حيث أنّ لوسائل الإعلام دور كبير في التأثير على سلوكيات المشاهد وتفكيره فوسائل الإعلام العصرية غيّرت الكثير من عاداتنا.

ويمكن للإعلام أن يقدّم لنا جرعات صحية تدفعنا إلى القراءة وإلى اقتناء الكتاب من خلال عرضه لكتاب صدر حديثاً أو كتاب قديم كان له تأثير على المجتمع ليتحدث من خلال برنامج تلفزيوني أو موقع إلكتروني عن أحد مؤلفاته وخاصة الحديثة الصدور.

دور الدولة في تنمية القراءة

يقع على الدولة دور كبير في تنشيط عادة القراءة لدى أ بناء المجتمع ،فعلى الدولة يقع العبء الأكبر في ذلك فهي القادرة على استنهاض الرغبة في المطالعة لدى كافة أبناء الشعب بما تمتلك من قدرات وإمكانيات هائلة.

فمن الأدوار التي يمكن للدولة أن تقوم بها من أجل التشجيع على تكوين عادة القراءة في نفوس المواطنين قيامها بعمل البرامج الإذاعية والتلفزيونية التي تصب في هذا المضمار كقيامها بعمل الندوات والمحاضرات التي تتحدث عن القراءة وأهميتها في الارتقاء بفكر المجتمع وسلوكه للعمل على بناء مستقبل أفضل لمجتمعاتنا وجعلها قادرة على مواكبة التطور السريع والهائل في العالم من حولنا فلا حضارة بلا قراءة ولا مجد بلا قراءة.

Report

Written by Yola Othman

What do you think?

Leave a Reply