in

العولمة

ظهر مفهوم العولمة للمرة الأولى في مجال الاقتصاد للتعبير عن ظاهرة آخذة في التفشي في العقود الأخيرة وهي ظاهرة اتساع المجال أو فضاء الإنتاج والتجارة ليشمل السوق العالمية بأجمعها.

وإذا كان علم الاقتصاد يعد أسبق فروع العلوم الاجتماعية في الكشف عن مقومات وخصائص ظاهرة العولمة ورصد تأثيراتها الآنية والمستقبلية على شمال العالم وجنوبه إلا أن الدوائر الأكاديمية في مجال علم الاجتماع والإعلام لم تتوصل لتحديد إطار منهجي ذي مضمون معرفي واضح يمكن الاستناد عليه كإطار مرجعي عند استخدام مصطلح العولمة.

مفهوم العولمة

تنوعت تعريفات العولمة حسب وجهات نظر متعددة
فالعولمة هي الامبريالية في مرحلة سقوط التعددية القطبية القائمة على تناقض الانماط الاقتصادية والاجتماعية وعصر المعلوماتية وما بعدها وبروز السوق الالكتروني بوصفه التجسد العملي والشامل عالمياً للعولمة التي تبتلع الانتماءات والهوية والقيم .

ويفرق البعض بين العولمة والعالمية مؤكداً بأن العولمة احتواء للعالم وفعل إرادي يستهدف الآخر.

والبعض يرى أن العالمية تفتح على العالم وعلى الثقافات الأخرى واحتفاظ بالخلاف الايدلوجي أما العولمة فهي نفي للآخر وإحلال للاختراق الثقافي محل الصراع الآيدلوجي أي العولمة احتواء للعالم واقصاء وقمع لما هو خصوصي
والبعض الآخر يعتبر العالمية ترتبط بالأرض والإنسان أما العولمة فترتبط بالكون.

جوانب مفهوم العولمة

هناك عدة جوانب للعولمة يمكن من خلالها إيضاح مفهوم العولمة وأبعادها ومنها الجانب السياسي والجانب الاقتصادي والجانب الثقافي والجانب التكنولوجي والإعلامي والجانب الإنساني والقانوني

وقد اختلف المفكرون في تناولهم للعولمة كلٌّ حسب اختصاصه ورؤيته الخاصة ويمكن تقسيم الأبعاد التي تناولها المفكرون وفق ما يأتي:

1-العولمة بوصفها حقبة تاريخية
وهنا يمكن اعتبار العولمة حقبة محددة من التاريخ أكثر من أنها ظاهرة اجتماعية أو إطاراً نظريا لها بداية ما وأنها المرحلة التي أعقبت الحرب الباردة.

2-العولمة بوصفها تجليات اقتصادية
إذ يركز هذا التعريف على الدولة وظيفياً من حيث إنها سلسلة مترابطة من الظواهر الاقتصادية وتتضمن هذه الظواهر تحرير الأسواق وخصخصة الأصول وانسحاب الدولة من أداء بعض وظائفها والتوزيع العابر للقارات لإنتاج المصنع من خلال الاستثمار الأجنبي المباشر ونقل التكنولوجيا.

3-العولمة من حيث إنها تجليات اجتماعية وثقافية
هذا البعد يركز على الثقافة والهوية الوطنية إذ يفترض اتجاه العالم بشكل عام أن العالم أصبح مجتمعاً دولياً من خلال شكل متزامن للتكنولوجيا والتجارة والثقافة.

في حين انتقد البعض من يدعون إلى ثقافة واحدة مرجعيتها الغرب ، ويرى البعض الآخر أنه من الصعب الحديث عن ثقافة عالمية لكنه يشير إلى أن هنالك عمليات تحول نحو التكامل والتشابه من جهة ونحو التشرذم والتفكك الثقافي من جهة أخرى.

4-الأبعاد الإعلامية للعولمة
وتتمثل في عدة أمور حيث أتاحت تكنولوجيا الاتصال الحديثة العديد من الوسائط والوسائل التي ألغت الحدود الجغرافية ومن هذه الوسائط الأقمار الصناعية والحاسبات الالكترونية وخطوط الميكروويف والألياف الضوئية وشبكات المعلومات والبريد الالكتروني كما زاد الاتجاه نحو الإعلام المتخصص ولامركزية الاتصال وفقدان كثير من الحكومات احتكار البث التلفزيوني.

5-الجانب القانوني للعولمة
تؤثر العولمة تأثيراً كبيراً في القوانين والتشريعات فتقوم بتوحيد المفاهيم والمصطلحات القانونية كما تؤثر في ازدياد دور التشريع الدولي في حكم العلاقات ما بين الدول وداخل نطاق كل دولة .

مواقف الكتّاب والباحثين من العولمة

ينقسم موقف الكتّاب والباحثين والمهتمين بمسألة العولمة إلى ثلاثة اتجاهات :

1-المؤيدون :
يدعون للتعامل مع العولمة كظاهرة إنسانية إيجابية وليس بوصفها استعمارية ساعية لتهميش الدول والمجتمعات لصالحها ويرفعون شعارات مثل تبادل التثقيف والتواصل الثقافي ويقولون أن هناك فروقاً بين العولمة والغزو الثقافي و أن العولمة قدر لا مفر منه وعلى دول العالم وشعوبه التعامل والتفاعل معها.

2-الرافضون
يتحدثون عن الهيمنة الثقافية واستعمار الصورة التلفزيونية والغزو الثقافي ، ويركزون على أخطار العولمة بالنسبة للهوية والثقافة الوطنية ، إذ يتم تحطيم القيم التقليدية وفقدان الثقافات المحلية الأصلية ويتم إدخال القيم الخاصة بالرأسمالية ولذا فالعملية تعد عملية امبريالية تقوم بشكل نظامي مخطط على إخضاع الدول الصغيرة والنامية لمصالح القوى الرأسمالية المسيطرة والتي تقوم بتصدير المعلومات والتكنولوجيا إلى دول العالم النامي فمن يملك العلم والتكنولوجيا يملك القوة والسيطرة.

3-المتحفظون
يدعون إلى العقلانية والواقعية في التعامل مع مناقب العولمة دون الانهيار بآلياتها ودون الاندماج في عجلتها أو الانسياق وراءها.

Report

Written by Yola Othman

What do you think?

Leave a Reply