in

كيف نرتقي بالعملية التعليمية؟

عندما تذكر العملية التعليمية يتبادر إلى الذهن الكم الهائل للمعلومات التي ينبغي أن يمتلكها القائمون على هذه العملية.

فهذه المعلومات دليل الحيران وجواب السائل وسقيا الظمآن والسيف النوراني الذي يبدد ظلمات الجهالة.

طبيعي أن تلك المعلومات من الأهمية بمكان للمعلمين والدارسين وهما قطبا العملية التعليمية ولا غنى عنها فهي الأرضية الصلبة والأساس القوي لبناء صرح تعليمي متين.

ولكنّ هذا الكم الهائل من المعلومات في كثير من الأحيان يشكل ركاماً هرمياً لدى الدارسين يتقون به سهام أسئلة تعجيزية ويتفيؤون ظلاله في الامتحانات والغريب أنه عندما تنتهي أيام الامتحانات الصعبة يبدأ الهرم بالتصدع وما يلبث أن يتهاوى من جديد.

ولكي يتعامل أبناؤنا معه فإنهم يعيشون أقصى درجات التحفيز والتمهّل والحيطة والاستنفار الذي يمتد إلى أهلهم وذويهم ويلجؤون إلى القراءات المتكررة وصولاً إلى مرحلة الحفظ المنشودة التي عندما يصل الدارس إليها تغمره مشاعر الزهو والسعادة وهو لا يدري أنه تحول إلى آلة تسجيل من لحم ودم وأنّ العملية التعليمية برمّتها انحرفت عن الهدف.

طرق الارتقاء بالعملية التعليمية

الارتقاء بالعملية التعليمية ليس مهمة فردية منوطة بالمتعلمين بل هي مهمة جماعية يتعاون على نجاحها الباحثون والمعلمون والإداريون والدارسون والآباء والأمهات ويؤثّر فيها القيم المجتمعية السائدة وطبائع الأمم وظروفها وأهدافها وطموح أفرادها.

ولا يخفى على أحد أنّ قوام التعليم هو العلم والفن والموهبة والأخلاق، علمٌ يضع الأشياء في مواضعها الصحيحة ويزن الحقائق والأفكار بموازين دقيقة وفنٌ يتجلى في الطرائق والأساليب التربوية الناجحة التي ينتهجها المعلم وموهبة اختصّ بها الله المبدعين بما منحهم من استعدادات فطرية وملكات خاصة تؤهلهم للتفوق في مجال التعليم وأخلاق فاضلة وحميدة  ترقى بالعالم والمتعلم إلى عوالم الخير والفضيلة.

وطبيعي أن مهنة التعليم لا تماثلها مهنة أخرى فهي نسيج ثمين متشابك سداه العلم ولحمته المهارة الأدائية والإخلاص في العمل وهي مهنة ذات خطر شديد لأنها تتعامل مع النشء وتؤثر في المجتمعات وترسم أبعاد المستقبل.

وكما أنّ الكثير من العاملين في حقل التربية والتعليم مكرمون ومحترمون في مجتمعاتهم ومن قبل أهلهم وذويهم فإنّ بعضهم سيسألون حتماً عن عملهم ماذا عملوا به؟ وعن تقصيرهم في أداء رسالتهم السامية.

إنّ أخطر آفات التعليم أن يتعامل بعض المعلمين مع مهنة التعليم بأسلوب الوظيفة البحت فيلتزموا بالدوام الرسمي وبإعطاء المعلومة الصحيحة وبحلّ الواجبات ويبتعدوا عن روح التعليم وأهدافه التي تجنّد النشء لخوض غمار الواقع والعمل على تحسينه وتدفعه لبناء حياة أفضل وتؤهله لتحقيق أهدافه.

نحن لا نبحث عن حواريين بل نبحث عن معلمين مخلصين ملتزمين عاشقين لمهنة التعليم مهنة المتاعب المحببة معلمين يحملون كتاباً بيد ومصباحاً بيد أخرى كتاباً يروي ظمأ النشء إلى العلم والمعرفة ومصباحاً ينير لهم سبل التقدم والتطور والنجاح ويقيهم مواطن الزلل والسقوط.

 معلمون لا يدخرون جهداً ولا يضنون بوقت من أجل أبنائهم الدارسين يتسلحون بالحلم والصبر والفكر المنفتح المستنير ويضعون نصب أعينهم عودة هذه الأمة قوية متقدمة موحدة ويعملون على تحقيق نهضة علمية شاملة تنعكس أمناً ورغداً على أهلهم ومجتمعاتهم.

ولعلّ تكريم المبدعين من المعلمين مادياً ومعنوياً وضمن شروط موضوعية وبعيداً عن أيّ اعتبار إلا اعتبار التفوق والتأثير الإيجابي والقدوة الحسنة والإسهام الفاعل في تطور العملية التعليمية لعلّ مثل هذا التكريم يكون حافزاً للآخرين فينهمك الجميع في سباق إنساني نحو الأفضل والأكمل.

Report

Written by Zaina Fadel

What do you think?

Leave a Reply