in

هل يجب شرب الماء بعد الاستيقاظ مباشرة؟

الماء ضروري للحياة، ويحتاجه جسمك ليعمل بشكل صحيح، حيث أن الماء عنصر غذائي أساسي، وتعتمد عليه جميع الأعضاء والأنسجة في جسمك.

نظراً لأن جسمك يفقد الماء بانتظام، فأنت بحاجة إلى تعويض هذه الخسائر لتجنب الجفاف.

تشير إحدى الأفكار الشائعة إلى أنه إذا كنت تريد أن تكون أكثر صحة، يجب أن تشرب الماء أول شيء في الصباح.
ومع ذلك، قد تتساءل عمّا إذا كان الوقت من اليوم يحدث فرقاً حقاً عندما يتعلق الأمر بالترطيب.
تستعرض هذه المقالة بعض الادعاءات الشائعة المحيطة بفكرة شرب الماء بعد الاستيقاظ مباشرة لتحديد ما إذا كانت هذه الممارسة تقدم أي فوائد صحية.

أهمية الماء للجسم

يتكون حوالي 60٪ من جسمك من الماء، يعتبر أيضًا من العناصر الغذائية الأساسية، مما يعني أن جسمك لا يستطيع إنتاج ما يكفي منه من خلال التمثيل الغذائي لتلبية احتياجاته اليومية، لذلك تحتاج إلى الحصول عليه من خلال الأطعمة – وخاصة المشروبات – لضمان عمل جسدك بالشكل الصحيح.

تعتمد جميع الأعضاء والأنسجة على الماء، وهو يلعب أدواراً عديدة في جسمك، بما في ذلك:

– نقل المغذيات، يدخل الماء بالدورة الدموية، مما يساعد على نقل العناصر الغذائية إلى خلاياك ويزيل الفضلات منها.
– التنظيم الحراري، بسبب السعة الحرارية الكبيرة للماء، فإنه يحد من التغيرات في درجة حرارة الجسم في كل من البيئات الدافئة والباردة.

– تزييت الجسم، يساعد الماء على تليين المفاصل وهو عنصر أساسي في سوائل تشحيم الجسم، بما في ذلك اللعاب والمخاط المعدي والجهاز التنفسي والبول.
– امتصاص الصدمات، حيث يعمل الماء كممتص للصدمات، ويحمي أعضائك وأنسجتك من خلال المساعدة في الحفاظ على الشكل الخلوي.

يفقد جسمك الماء يومياً من خلال التعرق والتنفس والبول والأمعاء حيث تُعرف هذه بمخرجات المياه.
فإذا كنت لا تتناول كمية كافية من الماء على مدار اليوم لتعويض هذه الخسائر، فقد يؤدي ذلك إلى الجفاف، والذي يرتبط بالعديد من الآثار الصحية الضارة.
يُعرف هذا النظام باسم توازن الماء ويعني أن مدخلات المياه يجب أن تكون مساوية لمخرجات المياه لتجنب الجفاف.

ادعاءات شائعة حول شرب الماء على معدة فارغة

يدعي بعض الناس أن شرب الماء أول شيء في الصباح بعد الاستيقاظ يقدم فوائد صحية تتجاوز تلك المرتبطة بشربه في أوقات أخرى من اليوم.
نستعرض فيما يلي بعض الحجج الشائعة وراء هذا الادعاء وما يقوله العلم عنها:

أولاً: شرب الماء مباشرة بعد الاستيقاظ يساعد في ترطيب جسمك

نظراً لأن البول يميل إلى أن يكون داكناً عند الاستيقاظ في الصباح، يعتقد الكثير من الناس أنهم يستيقظون وهم مصابون بالجفاف بسبب قلة الماء أثناء ساعات النوم.
ومع ذلك، فهذه نصف الحقيقة، لأن لون البول ليس بالضرورة أن يكون مؤشراً واضحاً على مستويات الترطيب.

على الرغم من أن الدراسات قد حددت أن عينات البول في الصباح تكون أكثر تركيزاً – مما يؤدي إلى ظهوره بلون أغمق، والذي يؤخذ عادة كعلامة على الجفاف – فشلت هذه العينات في اكتشاف الاختلافات في حالة الترطيب.
قامت إحدى الدراسات التي أجريت على 164 من البالغين الأصحاء بتحليل التقلبات في مستويات الترطيب وتناول الماء، حددت أن تناول الماء كان أعلى خلال الساعات الست الأولى بعد الاستيقاظ. ومع ذلك، فإن مستويات الترطيب لديهم لا تعكس هذا الاستهلاك المتزايد للمياه.

على الرغم من وجود بول أفتح لوناً، إلّا أنها لم تكن رطبة بشكل جيد. وذلك لأن تناول كميات كبيرة من الماء يمكن أن يخفف البول، مما يجعل لونه أفتح أو أكثر شفافية – حتى في حالة وجود الجفاف.
على العكس من ذلك، فإن اللون الداكن لبولك الصباحي ليس بالضرورة علامة على الجفاف، إنها أغمق ببساطة لأنك لم تستهلك أي سوائل بين عشية وضحاها.
عندما يعاني جسمك من نقص في الماء، فإنه يستخدم الإحساس بالعطش لضمان إعادة الترطيب، هذا الإحساس فعّال بنفس القدر طوال اليوم.

ثانياً: كوب من الماء قبل الإفطار يقلل من السعرات الحرارية التي تتناولها طوال اليوم

تشير الدلائل إلى أن الاستهلاك العالي للمياه يساعد في تقليل تناول السعرات الحرارية اليومية، لأنه يزيد من شعورك بالامتلاء.
في حين أن الماء يمكن أن يجعلك تشعر بالشبع، فإن هذا التأثير لا ينطبق حصرياً على شرب الماء قبل الإفطار، ولا على عامة الناس.

وجدت إحدى الدراسات أن شرب الماء قبل الإفطار قلل من السعرات الحرارية في الوجبة التالية بنسبة 13٪ على الرغم من أن دراسة أخرى لاحظت نتائج مماثلة عندما شرب المشاركون الماء قبل الغداء بنصف ساعة.

ومع ذلك، خلصت الدراستان إلى أن قدرة الماء على تقليل تناول السعرات الحرارية في الوجبة اللاحقة كانت فعالة فقط عند كبار السن – وليس لدى الصغار.
في حين أن شرب الماء قبل الوجبة قد لا يقلل بشكل كبير من تناول السعرات الحرارية لدى الأفراد الأصغر سناً، إلا أن القيام بذلك لا يزال يساعدهم بالحفاظ على الرطوبة بشكل صحيح.

ثالثاً: شرب الماء في الصباح يزيد من فقدان الوزن

تُعزى العلاقة بين الماء وفقدان الوزن جزئياً إلى تأثيره الحراري، والذي يشير إلى الطاقة المطلوبة لتسخين الماء البارد في الجهاز الهضمي بعد الاستهلاك.
تشير الدراسات إلى أن توليد الحرارة الناتج عن الماء لديه القدرة على زيادة معدل التمثيل الغذائي في الجسم بنسبة 24-30٪ لدى البالغين، ويستمر التأثير حوالي 60 دقيقة.

حددت إحدى الدراسات أيضا أن زيادة استهلاكك اليومي من الماء بمقدار 50 أونصة (1.5 لتر) أدى إلى حرق 48 سعرة حرارية إضافية. على مدار عام واحد ، تم حرق حوالي 17000 سعرة حرارية إضافية – أو حوالي 5 أرطال (2.5 كجم) من الدهون.
على الرغم من أن هذا الادعاء يبدو مدعوماً بالبحث العلمي، لكن لا يوجد دليل يشير إلى أن هذا التأثير يقتصر على المياه المستهلكة أول شيء في الصباح.

رابعاً: شرب الماء عند الاستيقاظ يحسن الأداء العقلي

يرتبط الجفاف ارتباطا وثيقا بانخفاض الأداء العقلي، مما يعني أن إكمال المهام، مثل الحفظ أو تعلم أشياء جديدة، يصبح أكثر صعوبة.
تظهر الأبحاث أن الجفاف الخفيف الذي يعادل 1-2٪ من وزن الجسم يمكن أن يؤثر سلباً على اليقظة والتركيز والذاكرة قصيرة المدى والأداء البدني.

ومن ثم يجادل البعض بأنه إذا كنت تريد البقاء في صدارة لعبتك ، فيجب أن تشرب كوباً من الماء عند الاستيقاظ.
ومع ذلك، يمكن عكس آثار الجفاف الخفيف عن طريق إعادة إدخال السوائل، ولا يوجد دليل يحد من فوائد معالجة الجفاف في الصباح الباكر.

خامساً: شرب الماء أول شيء في الصباح يساعد على “التخلص من السموم” ويحسن صحة الجلد

هناك اعتقاد شائع آخر مفاده أن شرب الماء في الصباح يساعد جسمك على “طرد السموم”.
تعد الكليتان المنظمتين الأساسيتين لتوازن السوائل، وهما يتطلبان الماء للتخلص من النفايات من مجرى الدم.

ومع ذلك، فإن قدرة كليتيك على تطهير الجسم من مادة معينة يتم تحديدها من خلال كمية المادة المجودة، وليس من خلال تناول الماء أو الجدول الزمني للشرب.
إذا كانت المادة موجودة بكمية أكبر مما تستطيع الكلى تحمله، فإنها تحفز على إنتاج كمية كبيرة من البول. وهذا ما يسمى إدرار البول التناضحي ويختلف عن إدرار البول المائي، والذي يحدث عندما تشرب الكثير من الماء.

هناك ادعاءات أيضا أن شرب الماء يعزز صحة الجلد. نظرا لاحتواء بشرتك على 30٪ من الماء تقريباً، يُعتقد أن شربه في الصباح يقلل من ظهور حب الشباب ويعطيه مظهراً رطباً.
على الرغم من أن الجفاف الشديد يمكن أن يقلل من تورم الجلد ويسبب الجفاف، إلا أن هناك نقصا في الأدلة التي تدعم هذا الادعاء.

سادساً: من الأفضل شرب الماء الساخن في الصباح

هناك رأي شائع آخر يشير إلى أنك تختار الماء الساخن أو الدافئ على الماء البارد عند الاستيقاظ، حيث يمكن أن يهدئ جسمك.
على سبيل المثال، قد يفيد الماء الدافئ الهضم لدى أولئك الذين يجدون صعوبة في تمرير الطعام والسوائل من المريء إلى المعدة.
ومع ذلك، فقد وجدت الدراسات القديمة أن شرب الماء الدافئ قد يتداخل مع الماء.

قامت إحدى هذه الدراسات بمحاكاة مسيرة طويلة في الصحراء ولاحظت أن الأشخاص الذين تم إعطاؤهم ماء بدرجة حرارة 104 فهرنهايت (40 درجة مئوية) شربوا أقل منه مقارنة بأولئك الذين حصلوا على مياه بلغت درجة حرارتها 59 درجة فهرنهايت (15 درجة مئوية).

نظرا للظروف الشبيهة بالصحراء، أدى الانخفاض في استهلاك المياه إلى فقدان حوالي 3٪ من وزن الجسم في مجموعة المياه الدافئة، مما زاد من خطر الإصابة بالجفاف.
على العكس من ذلك، فإن أولئك الذين شربوا الماء البارد زادوا من معدل تناولهم بنسبة 120 ٪ ، مما قلل من خطر الجفاف.

سابعاً: كوب من الماء البارد في الصباح يحفز عملية التمثيل الغذائي

يرى بعض الناس أن كوبا من الماء البارد يحفز عملية التمثيل الغذائي لديك، وهذا بدوره يساعدك على إنقاص من الوزن.
ومع ذلك، يبدو أن هناك القليل من الجدل حول هذا الادعاء.

على الرغم من أن إحدى الدراسات أظهرت أن شرب الماء عند 37 درجة فهرنهايت (3 درجات مئوية) تسبب في زيادة بنسبة 5٪ في عدد السعرات الحرارية المحروقة، فقد اعتبر هذا زيادة طفيفة، حيث كان من المتوقع أن يؤدي تأثير الماء البارد على عدد السعرات الحرارية التي تحرقها يكون أعلى.
وبالتالي، شكك الباحثون في قدرة الماء البارد على المساعدة في إنقاص الوزن.

علاوة على ذلك، حللت دراسة أخرى ما إذا كان الجسم سيحرق سعرات حرارية إضافية لتسخين الماء المبتلع من 59 درجة فهرنهايت (15 درجة مئوية) إلى 98.6 درجة فهرنهايت (37 درجة مئوية).

وخلصت إلى أن حوالي 40 ٪ من التأثير الحراري لشرب الماء البارد يُعزى إلى ارتفاع درجة حرارة الماء من 71.6 درجة فهرنهايت إلى 98.6 درجة فهرنهايت (22 درجة مئوية إلى 37 درجة مئوية) ويمثل فقط حوالي 9 سعرات حرارية محترقة.

بغض النظر عن درجة حرارة الماء – فقد اعتبروا أن تأثيره على التمثيل الغذائي كبير.
عندما يتعلق الأمر بتفضيل الماء الساخن أو البارد على الآخر، لا يوجد دليل كاف لتأكيد أو رفض أي من المعتقدات.

– في المحصلة نصل إلى نتيجة تقول: يوفر شرب الماء العديد من الفوائد الصحية – سواء كانت ساخنة أو باردة. ومع ذلك لا يبدو أن شربه كأول شيء في الصباح يزيد من آثاره الصحية.

يشارك الماء في العديد من وظائف الجسم ، بما في ذلك نقل العناصر الغذائية والأكسجين إلى الخلايا، وتنظيم درجة حرارة الجسم، وتزليق المفاصل، وحماية الأعضاء والأنسجة.

على الرغم من أنك قد تصاب بالجفاف بشكل طفيف في أوقات محددة على مدار اليوم، فلا يوجد دليل يدعم فكرة شرب الماء على معدة فارغة يساعد على جني فوائد إضافية.

طالما أنك تعوض ما فقده جسمك من الماء، فلن يحدث فرق كبير سواء بدأت يومك بكوب من الماء أو شربته في أي وقت آخر من اليوم.
فقط تأكد من أنك تحافظ على رطوبتك عن طريق شرب الماء كلما شعرت بالعطش.

Report

Written by Nermeen Ahmad

What do you think?

Leave a Reply