in

التأثير المتبادل بين المرض والمجتمع

تلعب العوامل الاجتماعية دوراً مهماً في حدوث الأمراض والمشكلات الصحية ، كما أنها عاملٌ مهمٌ في فهم الأمراض التي تصيب الفرد.

فالعوامل الاجتماعية هي مجموعة الظروف التي تتعلق بتكوين الجماعة وأنظمتها ، والتي تساهم في تكوين الفرد وبيئته ويكون لها الأثر الواضح في سلوك الفرد ومجتمعه.

وللظروف الاجتماعية والثقافية والنفسية ، دور مهم في فهم كيفية وقوع أعراض المرض ومعالجته ، وإذا ما تم إهمال هذه الظروف والعوامل ، فإن العلاج لن يكون كاملاً كما أنه لن يكون جذرياً.

وقد اصبح المرض يعرف تعريفاً بيولوجياً و اجتماعياً : فهو حالة اضطراب في الأداء السّوي للجسم البشري ككل بما فيه التّكيف الشخصي والاجتماعي جنباً الى جنب مع الكيان البيولوجي ، ويتضح من هذا التعريف أهمية الجانب الاجتماعي والنظرة الاجتماعية للمشكلات الصحية ، وعدم اقتصار المرض على الجانب البيولوجي فقط.

ترتبط الأمراض بالعوامل الاجتماعية ارتباطاً وثيقاً ، والظروف الاجتماعية المحيطة بالأفراد قد تودي به في كثير من الأحيان إلى الوقوع في المشاكل الصحية المختلفة ، فإن انتشار ظاهرة الفقر في المجتمع من شأنها أن تؤدي إلى الإصابة بأمراض عديدة وخطيرة, وعدم القدرة على اللجوء إلى الطبيب ، وذلك بسبب عدم القدرة على تحمل تكاليف العلاج والدواء مما يؤدي إلى تفاقم وضع المريض وازدياد مرضه وسوء صحته.

كذلك انتشار ظاهرة الأمية يمكن أن تتسبب في حدوث الامراض والأوبئة ، بسبب جهل الأفراد في كيفية الوقاية من الأمراض وعدم معرفتهم بالإجراءات اللازمة التي يجب أن تُتخذ في حالات المرض، كما لانتشار العادات والتقاليد التي تشجع على الطب الشعبي ووسائله أثرٌ في تأزم المرض وتطوره بشكلٍ سيء بسبب التأخر في علاجه بالشكل الصحيح.

وللطبقات الاجتماعية دورٌ في مدى انتشار المرض وتأثّر الصحة فيه ، فالطبقات الاجتماعية الدنيا ، لها أسلوب حياة من الممكن أن يؤثر على الصحة سواء كان ذلك في أسلوب الحياة أو العمل أو نوعية الغذاء ، كما تؤدي التنشئة الاجتماعية التي تلقاها الأفراد من مختلف مؤسسات التربية دوراً في الأسلوب والطريقة التي يتعامل بها الفرد مع المرض.

ولا يمكن إنكار الدور الذي يلعبه المرض في التأثير على المجتمع فهناك تأثير متبادل بين المرض والمجتمع.

أثر المرض في المجتمع :

إن تمتّع أفراد المجتمع بصحة الجسد ضروري لقيامهم بوظائفهم وأدوارهم المختلفة ، وإن تعرضهم للمشكلات الصحية على اختلاف أنواعها يؤدي الى تراجع أدائهم وأحيانا توقفه ، مما يسبب خلل في البناء الاجتماعي ككل ، فهناك علاقة بين صحة المجتمع وصحة الفرد ولها تأثيرٌ متبادل على بعضهم البعض. فالفرد السليم يؤثّر في مجتمعه ويزيد من قوته وتماسكه ، بينما المريض على العكس تماماً ، فهو يضعف مجتمعه بسبب تخليه عن القيام بأدواره وحاجته إلى الإعالة من قبل الآخرين ، وتوقفه عن الإنتاج وفقدان النشاط ، مما يؤثّر سلباً ويعوق المجتمعات عن التنمية والاستقرار والرفاهية ، وهذا أيضاً بدوره ينعكس على أفراده.

يؤثّر المرض في بعض الأحيان في العلاقات الاجتماعية بين الناس ، فالأفراد المرضى تكون حالتهم النفسية في الغالب سيئة ، ويفضلون الانعزال عن الآخرين كما لا يكون لديهم القدرة والطاقة الكافية للاختلاط مع من حولهم ، مما يؤثر على علاقاتهم مع محيطهم ، وفي حالات الأمراض المعدية ، نجد أن النّاس تنفر من الاحتكاك بالمريض وهذا بدوره يؤثر أيضاً على علاقات المريض مع الأشخاص المحيطين به.

ولأهمية التأثير المتبادل بين الجوانب الاجتماعية والطب وما يعكسه هذا التأثير على بنيان المجتمع وتماسكه ، فقد تمّ الاهتمام أكثر بهذا الجانب وظهر ما يُعرف بعلم الاجتماع الطبي الذي ساعد في فهم العلاقة المتبادلة بين هذين الجانبين بشكل أكبر وأعمق.

Report

Written by Hya H Maklad

What do you think?

Leave a Reply