in

علم الاجتماع والمرض

يحتل موضوع الصحة أمراً مهماً في المجتمع ، نظراً للدور المهم الذي يلعبه في الحفاظ على تماسك البناء الاجتماعي ، كما أنه موضوعٌ لا تقتصر أهميته على مجتمع دون الآخر أو على شريحة معينة دون أخرى ، ونظراً للدور الذي تلعبه المشكلات الصحية في التّأثير على المجتمع وأفراده.

كان لا بد من تسليط الضوء على هذا الجانب واعطائهُ المزيد من الاهتمام لتلافي تأثيره.

ولأن أسباب المشكلات الصحية لا تقتصر على الأسباب البيولوجية فقط ، فكان لا بد من النظر لها من جانب آخر ألا وهو الجانب الاجتماعي ، والذي كان جانباً مهماً لفهم المرض بشكل أعمق وبالتالي علاجه بطريقة أفضل ، ومع هذا الاهتمام المتزايد بهذا الجانب ظهر ما يسمى بعلم الاجتماع الطبي.

تناول هذا العلم العلاقة بين المجتمع والمرض وكيف تنظر المجتمعات للأمراض ، وتتعامل معها.

ويعد مجالاً مشتركا بين علم الاجتماع والطب  وسنتناول الآن ما هي الأساليب الاجتماعية التي اتبعتها المجتمعات المختلفة لفهم المرض.

الأساليب الاجتماعية لفهم المرض:

لجأت المجتمعات إلى طرق مختلفة في فهم المشكلات الصحية التي تواجه الإنسان ، وكانت تعتمد في هذه الطرق على الثقافة والمعتقدات السائدة في المجتمع. فقد ذهبت بعض المجتمعات إلى علاج الأمراض بواسطة الطب الشعبي الذي يعتمد على شرب أنواع معينة من الأعشاب أو الأغذية أو الأدوية العشبية..إلخ.

ويرتكز الطب الشعبي على ثقافة الجماعات التي تتكون من العادات والتقاليد وأساليب التفكير، ومن ضمن الأساليب التي قام المجتمع باتباعها لعلاج مرضاه هي الحُجامة ، وهي عبارة عن كاسات مفرغّة من الهواء لعلاج آلام الجسم ، عرفها قدماء المصريون كما استُعمِلت في بلاد الصين والهند ولكن بطرق وأدوات أخرى.

كذلك لجأوا في معالجة الأمراض للسحر والخرافة والشعوذة ، مفسرين المرض بأنّه يحصل بسبب قوى غيبية شريرة تؤثر على جسم الإنسان ، ولا يمكن معالجته إلا عن طريق طقوس خاصة للتخلص من هذه القوى ، كان من بين هذه الطقوس حفلات الزّار ، التي تقوم على الرقص والغناء والموسيقى وطائفة متنوعة من العمليات.

يشير مفهوم الزّار إلى أن هناك بعض الأرواح الشريرة تلتصق أو تتوحد مع بعض الأفراد ، وتأخذ مسميّات مثل إبليس والشيطان والعفريت… وهي عجائب تسبب الأمراض للأفراد وتسيطر على افعالهم.

اهتمت الكثير من القبائل القديمة بالبحث عن أسباب المرض ، وقامت بالبحث عنه أكثر مما بحثت عن المرض نفسه ، مثل البمبارا في مالي والخوسا في جنوب افريقيا.

ظهر معالجون شعبيون في هذا المجال وكانوا ينالون شرعيتهم من الثقة والإجماع الشعبي وكان هناك أنماطٌ متعددة ، منهم:

  • المعالجين العاديين (غير المتخصصين)
  • المعالجين المهنييّن (المتخصصين)
  • المعالجين الشعبيين.

المعالجين العاديين (غير المتخصصين) :

يعتمدون على المعالجة الذاتية أو التطبيب الذاتي ، أو الاعتماد على النصيحة من الأقارب أو الأصدقاء أو من لديهم حالة مرضية مشابهة حصلت معهم سابقاً.

المعالجون المهنيون (المتخصصون) :

هم من لديهم خبرة في مجال الطّب وأُجيز لهم ممارسته ، مثل الأطباء ، والمساعدين كالممرضين والقابلات ،ولهم الحق في تشخيص المرض وعزل المريض في حالات الأمراض المعدية والتي تستوجب العزل ، كما لهم الحق في التّحكم بسلوك المريض ونظام غذائه وغيرها من الاجراءات التي تصب في مصلحة المريض ومحيطه.

والفئة الأخيرة المعالجون الشعبيون :

فهم ليسوا من النسق الطبي الرسمي كالمعالجين المختصين ويشتمل هؤلاء على رجال الدين والولادات وغيرهم.

فلقد اهتمت المجتمعات والقبائل منذ القدم في معرفة الأمراض وأسبابها وطرق علاجها على الرغم من الاختلافات في أساليب الكشف عنها ، وذلك بحسب ما أُتيح لهم من أدوات ووسائل وثقافة وعلم.

Report

Written by Hya H Maklad

What do you think?

Leave a Reply