in

علم الاجتماع الجنائي

يساهم علم الاجتماع في فهم الصور المختلفة من الانحرافات السلوكية, في ضوء الاستعانة بالمفهومات السوسيولوجية ويحاول علماء الاجتماع الإفادة من هذا العلم في حل عديد من المشكلات المختلفة.

وخاصة المهتمين بالجانب التطبيقي, يجرون بحوثاً شتى على ضروب مختلفة من السلوك المنحرف مثل الإجرام, وجناح الأحداث وإدمان الخمور, والانتحار, ومشكلات الزواج وعلى الأخص سوء التكييف الأسري.

ففي الولايات المتحدة مثلاً نجد عدداً كبيراً من علماء الاجتماع أعضاء في هيئات البحوث التي تجريها المؤسسات العقابية وأقسام الطب العقلي والمستشفيات العقلية, والمراكز المعنية بمعالجة مدمني الخمور.

فعلم الاجتماع الجنائي هو فرع من فروع علم الاجتماع, وإذا كنا نعرّف الظاهرة ببساطة بأنها سلوك متكرر الحدوث ويتصف بمجموعة من الخصائص مثل التلقائية والتكرار والجبرية, فإن ذلك يعني أن علم الاجتماع يهتم بسلوك الإنسان ولمّا كانت الظاهرة الانحرافية هي الأخرى بمثابة سلوك متكرر الحدوث وإنها ظاهرة اجتماعية فإنها تتصف بنفس الصفات والخصائص الأساسية التي تتصف بها الظاهرة الاجتماعية.

يهتم علم الاجتماع اهتماماً خاصاً بتحديد المعايير السائدة في المجتمع, وكذلك مدى الفروق أو الاختلافات المتعلقة بالتسامح في أنماط معينة من انتهاك المعايير.

ولاشك أن كل ضروب الانحراف عن المعايير الاجتماعية تلقى دائماً معارضة المجتمع. فالاختراعات مثلاً تمثل في بعض الأحيان انتهاكاً للمعايير السائدة في المجتمع, مما قد يدفع المجتمع إلى معارضتها إما بالشدة أو التسامح أو الاعتدال.

أهمية علم الاجتماع الجنائي

يتيح لنا علم الإجرام الكشف عن أسباب الجريمة مما يسهل إمكانية مكافحتها, فالمشروع يستطيع أن يرسم السياسة الجزائية بالاستناد إلى تحليل هذه الأسباب, والقاضي يمكنه الإفادة من التعرف على الدافع في كل جريمة لفرض الجزاء المناسب بمرونة وواقعية, وهو يتمتع إلى جانب ذلك بسلطة تقديرية واسعة في الحكم بالحد الأدنى أو الحد الأقصى له, إضافة إلى أن البحث في عناصر الجريمة ومقوماتها يقوده إلى مراعاة حالة الجاني وسنه وجنسه وخطورته الإجرامية.

والكشف عن أسباب الجريمة لا يحقق فقط عناصر إيجاد العقوبة المناسبة بل يعمل أيضا على اعتماد سياسة وقائية ترمي إلى منع وقوعها.

مهمة علم الإجرام تفسير السلوك الإجرامي, ومحاولة معرفة العوامل الدافعة إليه , فإن ذلك يقتضي تحليل شخصية المجرم من ناحية, وصد كافة الظروف الاجتماعية والبيئة المؤثرة على جوانب شخصيته من ناحية أخرى, وهنا تكمن أهمية علم الإجرام.

فدراسة مختلف هذه العوامل والظروف ليس إلا بهدف مكافحة ظاهرة الجريمة, والمشرع يواجه الجرائم بوصفها أشد الأفعال المحظورة قانونياً من حيث جسامتها بواسطة الجزاء الجنائي الذي يقرره لقاء اقتراف الجريمة.

يمكننا القول إن علم الاجتماع يوفر الجزاءات المناسبة ويطورها بتطور الحياة الاجتماعية والاقتصادية والفكرية والثقافية والسياسية, ويعطيها المفهوم الذي يتناسب مع واقع الجماعة ومقوماتها الحضارية, وبذلك تأتي كالدواء الناجح لمعالجة أمراض الجريمة والقضاء عليها.

فليست أهمية علم الإجرام هي إذاً في ذاتها, بل هي صلة هذا العلم بالقانون الجنائي, وإذا كان الأخير هو الفرع الذي يضم صور السلوك الموصوفة فإن علم الإجرام يتولى بالوصف والتفسير تحليل هذه الجرائم لا بوصفها أفكاراً قانونية مجردة, بل باعتبارها مظاهر سلوك واقعية تخضع للبحث التجريبي التفسيري.

إن أهمية علم الإجرام لا تقتصر على مجال القانون الجنائي الحالي, بل إنها تتجاوز ذلك لتستشرق آفاقاً جديدة في مجال القانون الجنائي المستقبلي.

بل أكثر من هذا فإن البحث في هذا العلم يجر إلى وضع الأطر الملائمة للوقاية من الجريمة, باعتبار أن العقوبة تحتوي في وجه من وجوهها على الردع العام, ويندرج كذلك ضمن هذا الإطار وضع الأساليب المرنة في تنفيذ العقوبات حتى يمكن التوفيق بين النظرية والتطبيق.

Report

Written by MONA AHMAD

What do you think?

Leave a Reply