in

التطور التاريخي للنقل الجماعي

الأمر الذي لا يوجد شك فيه، هو الدور الكبير للنقل في نمو المدن وتطورها في البدء كان المشي هو النموذج المسيطر للتنقل، وكانت المساحات الجغرافية للمدن محدودة بالمسافة التي يستطيع الإنسان أن يمشيها.

الأحصنة كانت معروفة، لكن معدل الناس الذين كانوا يستطيعون امتلاكها كان قليلاً جداً، وغالباً كانت الأحصنة تستخدم من قبل الطبقات الغنية ورجال الأعمال. يعود الفضل للرومان في تقديم أول نموذج للنقل الجماعي عرف في التاريخ، حيث قاموا بتأسيس نظام مركبات بعجلتين أو أربع عجلات، وضعت بالقرب من الفنادق والحانات على مسافات تتراوح بين خمسة وستة أميال حتى يتم تأجيرها.

ثم تم استخدام النقل الجماعي بشكل بسيط جداً ضمن المدن من خلال عربات تجرها الجياد والتي تعتبر سلف التاكسي، ولقد ظهرت في باريس ولندن وجاءت تسميتها من الكلمة الفرنسية huquenee والتي تعني الحصان المتوسط الحجم والمقدرة، حيث لا يتم استخدامه لأغراض الصيد والحرب وإنما فقط لأغراض الركوب.

بلغ عدد هذه العربات عام ١٧٠٠ حوالي ٦٠٠ عربة تعمل في المدن خلال القرن السادس عشر، ظهرت في أوروبا، مركبات تسير وفق مواعيد منتظمة بين البلدات الرئيسية ثم حصل العالم الرياضي الفرنسي بليز باسكال عام ١٦٦٢ على رخصة من الملك.

فقد كان الفيلسوف وعالم الرياضيات أول من خطرت بباله فكرة جعل مجموعة من الأشخاص لا يعرفون بعضهم البعض يسافرون سوية في باريس، وكان مشروع عربات (شيلينغ) مشروعاً خاصاً صممه باسكال في نهاية حياته لكي يعيد لعائلته ثروتها. وبدأ بتسيير هذه العربات، وبتعرفة منخفضة على خمس خطوط محددة وثابتة في باريس، نجحت التجربة في البداية، لكنها لم تستمر لأكثر من سنتين، وذلك لعدة أسباب منها موت باسكال عن عمر يقارب ٣٩ سنة، وتعرض هذه المركبات للمنافسة، وعدم السماح للناس في بعض الطبقات كالخدم والجنود، بالركوب فيها وذلك بسبب معارضة طبقة النبلاء الناجمة عن استيائهم من استعمال هذه العربات من قبل جميع المواطنين.

التاريخ الحديث للنقل الجماعي

بدأ التاريخ الحديث للنقل الجماعي، عام ١٨١٩ في باريس، عندما اعتمدت خطوط ثابتة للمركبات التي تجرها الجياد، والذي استخدم نوع مركبات سمي diligence، وهي عبارة عن مركبة تجرها الجياد، لنقل المسافرين والبريد على خطوط نظامية محددة. في عام ١٨٢٥، أسندت إلى صانع عربات الجياد جورج شليبير، مهمة بناء عربة تجرها الجياد بتصميم خاص مع سعة ركوب كبيرة للاستخدام في باريس، ودعيت المركبة omnibus، والتي كانت ذات خطوط منتظمة ومواقف ثابتة.

في عام ١٨٢٧، بدأت خدمات النقل الجماعي الأولى في الولايات المتحدة، ويعود الفضل في ذلك إلى ابراهام براور، حيث قام بتصميم عربة معدلة تتسع ل١٢ راكب، وقد عمل على تطويرها بعد سنتين، فقام بتصميم باب خلفي مع درج معدني يصل إلى الأرض.

ومع انتقال شيليبر إلى لندن، قام بافتتاح خط omnibus، هناك عام ١٨٢٩، والتي كانت تجر بثلاثة أحصنة، وتتسع ل١٨ راكب. عام ١٨٣١ تم تقديم  omnibus في مدينة نيويورك من قبل جون ستيفنسون، وكانت ملكية وتشغيل هذه المركبات كخاصة. على الرغم من أن omnibus صممت ليتم تشغيلها في المدن فقد كانت بطيئة وغير مريحة.

لأن أغلب الشوارع كانت مرصوفة بحجارة كبيرة. لذلك كانت طاقتها أثناء التشغيل منخفضة في عام ١٨٣٢ حصل تقدم كبير جاء على صورة عربات تجر بواسطة الجياد تسير على سكة حديدية معدنية تتوضع في وسط الشارع. وكانت هذه العربات أقل مقاومة للاحتكاك وأكثر راحة للركاب، وساعدت في مضاعفة الحمولة التي يستطيع الحصان جرها وكذلك ساهمت في زيادة السرعة.

Report

Written by Carla Obied

What do you think?

Leave a Reply