in

النضج العاطفي عند المراهقين

يعدّ النضج العاطفي مفهوماً أساسياً في علم النفس النمائي وهو القدرة على استخدام الانفعالات بشكل سوي وعفوي وتلقائي.

المفهوم العام للنضج العاطفي عند المراهقين

إنّ وجهة النظر السائدة حالياً تجاه النضج العاطفي هي أنه مؤشر على قدرة الفرد على التمتع بمصادره الانفعالية وممارسة التجربة الانفعالية بأبعادها كلها.

وعلى هذا الأساس يتنافى النضج العاطفي مع التجمّد أو التلبّد العاطفي بقدر مايتنافى مع العاطفة المفرطة والمعاناة القصوى التي قد تنتهي بالسقوط المأساوي في هاوية القلق واليأس.

ولاشكّ في أنّ القدرة على تقبّل الضعف الإنساني ومواجهة ذلك الضعف دون الحاجة إلى أقنعة مزيفة إحدى مؤشرات النضج العاطفي.

إضافة إلى ذلك يعكس النضج الداخلي نوعاً من الحرية الداخلية التي تمكّن المراهق من معاناة الفرح والأسى وسائر أنواع التوتر الانفعالي دون أن يعرقل ذلك المسار النمائي لحياته وسلوكه التكيفي.

ويتضمن مفهوم حرية المعاناة الداخلية مسؤولية الفرد عن مشاعره فالحرّ في أن يعاني ليس حرّاّ في أن يطلق لنفسه العنان دون حدود أو في أن يقذف انفعالاته على الناس من حوله دون مراعاة مشاعرهم الخاصة وبالطبع تتنافى المسؤولية الحقيقة مع الكبت والتضييق وإقامة الجدران في وجه المشاعر الخاصة أو لجمها.

مقوّمات النضج العاطفي

تتحدد مقوّمات النضج العاطفي بعدّة مقوّمات أساسية وهي:

القدرة على المشاركة الانفعالية

وتتمثل هذه القدرة في نزعة المراهق لمشاركة الآخرين انفعالاتهم في الوقت نفسه الذي يعمل فيه على تأكيد ذاته كفرد أي قدرة المراهق على الوقوف بجانب الآخرين دون الخضوع لهم.

القدرة على الأخذ والعطاء

فالأخذ من الآخر استغلال وعطاء الآخر إذلال أما الأخذ والعطاء فهو دليل على قدرة الفرد على التعامل السليم مع الآخر والنضج العاطفي الحق هو أخذ وعطاء وتفاعل مع الآخرين دون تقيّد بالمصلحة الشخصية الضيقة.

الواقعية في تقييم الناس

يتطلب النضج العاطفي من المراهق أن يرى الناس كما هم عليه في الواقع وأن يفهم طبيعتهم الإنسانية بكلّ مافيها من جوانب ضعف وقوة وتبعاً لذلك فإنّ الشخص الطيب لن يكون ملاكاً والشخص السيء لن يكون شيطاناً ولاشك في أنّ النظرة الواقعية في تقييم الناس تعين صاحبها على تفهّم الآخرين وعدم الاكتفاء بالمظاهر الخارجية وتحرره من إدراك الآخر في إطار حاجاته الخاصة أو تصوراته.

إعادة النظر في الطموحات والآمال

تتدفق الآمال في المراهقة وتتجمع لتصطبغ بصبغة خيالية ويواجه أكثر المراهقين في نهاية مراهقتهم المهمة الشاقة المتمثلة بموازاة الآمال للخطوط الواقعية للحياة ولاشكّ في أنّ العجز عن إقامة الموازاة المشار إليها يؤدي إلى الإحباط والقلق في حياة المراهق.

احتمال الوحدة

يتميز المراهق عن الطفل بشعوره بالوحدة ويتنافى الشعور بالوحدة جذرياً مع النضج العاطفي ويكون ثمناً للاستقلالية التي يسعى إليها المراهق ويؤدي الشعور بالوحدة إلى الألم لتنافيه مع الرغبة بالانتماء والحاجة إلى الاستحسان.

القدرة على التعاطف

هي من أهم المقوّمات الأساسية للنضج العاطفي وتشير إلى قدرة المراهق على الدخول في علاقات الود والرقابة والزمالة والصداقة والإحساس بأفراح وآلام الآخرين.

وقد يتطلب التعاطف من الفرد مقاومة نزعاته الإنسانية أو غرائزه وذلك تبعاً للموقف الذي يجري فيه التعاطف وتتمثل الصفة الأساسية للتعاطف بالتقبل فالمتعاطف لا يعدّ الانفعال سيئاً أو حسناً ويتقبّله دون أن يتخذ اتجاهاً مسبقاً منه.

وتقبّل الانفعال يعني تقبل الذات والآخرين على أساس أنّ من حقهم وطبيعتهم معاناة المشاعر المختلفة إلّا أنّ تقبل المشاعر المختلفة لايعني بالضرورة إرضاء تلك المشاعر بصورة عمياء.

والتعاطف في جوهره لبّ النضج العاطفي وهو فنّ لا يملكه الكثير من الناس وليس ثمّة وسيلة لشرائه أو اكتسابه.

Report

Written by MONA AHMAD

What do you think?

Leave a Reply