in

القرابين البشرية عبر الحضارات

لكل عصر سره ولكل حضارة غابرة معتقدات ميزتها عن غيرها ولكن عندما تجتمع كل هذه الحضارات على فكرة معينة هنا يجب أن نتوقف فدماء البشر كانت دائماً الخلاص وعلى مبدأ الغاية تبرر الوسيلة سفكت الدماء.

ما هي القرابين؟

القرابين هي عبارة عن تقديمات مادية بأشكال مختلفة تقدم للآلهة تعبيراً عن الإجلال والاحترام أو لأسباب أخرى وتقدم هذه القرابين للآلهة عبر تأدية طقوس وشعائر دينية معينة اختلفت باختلاف الحضارات وقد تنوعت القرابين التي كانت تقدم للآلهة واتخذت أشكالاً مختلفة أبرز أشكال القرابين والتي نجدها حاضرة بقوة في الحضارة الرومانية القديمة كما في الحضارات السومرية والبابلية والفينيقية وغيرها هي القرابين الحيوانية فكانت أبرز طقوس العبادة عند تلك الحضارات هي تقديم القربان الحيواني للآلهة بغية الحصول على الرضا والأمان بحسب معتقداتهم أما عن الكيفية التي يقدم بها القربان فقد كان يؤتى بالحيوانات وأهمها الخرفان إلى المذبح حيث تذبح ليمتلئ إناء خاص بدمها ثم يتم حرق الخرفان كلياً أو جزئياً ولم تكن الخرفان الوحيدة التي كانت تقدم كقرابين فالعجول والحمام والخنازير أيضاً كان لها حصة من الذبح والحرق.

النباتات أيضاً قدمت كقرابين في معابد الآلهة على اعتبار أنّ الآلهة هي المالك الأساسي للأرض وحقولها وسهولها وكل ما ينبت فيها  لذلك قامت بعض الحضارات كالساميّة في بلاد مابين النهرين بتقديم مختلف أنواع الخضار والفاكهة من مختلف المحاصيل إلى آلهتهم كرد جميل أو سداد دين لمالك الأرض الأصلي وبالطبع كان للعرب نصيب من قصة القرابين فمن المعروف أنّ العرب في العصر الجاهلي كانوا يقدمون مختلف أنواع المآكل من حيوان ونبات وما غلا ثمنه من مجوهرات وملابس ويضعونه بين قدمي الصنم الذي يعبدونه للحصول على رضاه.

تاريخ القرابين البشرية

بدأت القرابين البشرية بحسب بعض الباحثين مع الإنسان القديم الذي أكل أخيه الإنسان عندما شحّت موارده وقد اختفت ظاهرة أكل لحم الإنسان إن استثنينا من ذلك بعض القبائل البدائية التي مازالت تمارس هذا النوع الشنيع من الأكل ولكن بما أن القربان بحسب المعتقدات القديمة هو طعام الآلهة وبما أن الفكرة التي ترسخت في العقل البشري القديم بأن اللحم البشري من أطيب أنواع اللحوم بل أفضلها ارتأت بعض الحضارات تقديم البشر كقرابين إلهية وبالطبع كان القتل مصير تلك القرابين المسكينة.

أول قربان قدم في تاريخ البشرية جمعاء هو قربان هابيل وقابيل حيث قدم هابيل خيرة أغنامه قرباناً لله تعالى بينما انتقى قابيل الزرع السيء من حقله وقدّمه قرباناً لربه وكما هو معروف فقد تقبّل الله تعالى قربان هابيل المقدم بنيّة خالصة ورفض قربان قابيل ما أدى في النهاية إلى ارتكاب أول جريمة قتل في تاريخ البشرية قتل قابيل لهابيل وتتابع تقديم القرابين عبر العصور لنصل للنبي ابراهيم الذي كان قربانه الأول ابنه النبي اسماعيل تنفيذاً لطلب الله تعالى وقبل الذبح افتدي النبي اسماعيل بكبش قدمه النبي ابراهيم كقربان لله.

ننتقل إلى الفراعنة الذين قدموا القرابين البشرية لمختلف الآلهة وهذا ما تجلّى في الاكتشافات الأثرية في مدينة أبيدوس وهذا يعود لخمسة آلاف سنة.

وقد اختفت ظاهرة القرابين البشرية عند الفراعنة في عصر بناء أهرامات الجيزة حيث حلّ محل البشر الأضاحي الحيوانية والنباتات المثمرة.

وفي بلاد الرافدين في مدينة أور في إحدى المقابر التي يطلق عليها حفرة الموت تم اكتشاف بقايا تعود إلى ثمانية وستين امرأة وستة رجال بالإضافة إلى العديد من الكنوز والتماثيل التي تعود إلى حوالي أربعة آلاف وستمئة سنة ويرجح العلماء أن تكون هذه الجثث عبارة عن قرابين بشرية قدمت للآلهة هذا بالإضافة إلى الجواري والخدم الذين كانوا يدفنون مع ملوكهم ليخدموهم بعد الموت.

وفي حضارات أخرى كثيرة كالصين واليابان وأوروبا والمايا والأنكا كانت منتشرة عادة تقديم القرابين البشرية.

اختفت هذه الظاهرة في الآونة الأخيرة باستثناء بعض القبائل وبعض السحرة الذين يستخدمون أجساد الأطفال كقرابين بعد تقطيعها لممارسة سحرهم وشعوذتهم.

وفي الوقت الحالي تنتشر القرابين الحيوانية التي يتم ذبحها وطهيها وتناولها في ولائم عند مختلف الأديان والجماعات علماً أنه مازال هناك جماعات تؤمن بتقديم القرابين البشرية بل وتمارس هذه العادة المتوحشة بأشكال أخرى وبسرية تامة خشية تأليب الرأي العام عليهم.

Report

Written by Jaber Shareef

What do you think?

Leave a Reply