in

خريطة الجينات بين أحلام البشرية وأوهامها

فاجأ علماء الوراثة الذين كانوا قد نجحوا بتوليد النعجة دوللي عن طريق استخدام تقنية الاستنساخ بإعلانهم عن التفاوض مع شركات أمريكية سوف تقوم بتمويل برنامج مجموعتهم التي ستبدأ بالعمل لإنتاج نسخ من علقات إنسانية لأهداف علاجية وقد أصاب هذا الخبر الذي قد يبدو بسيطاً للوهلة الأولى الأوساط العلمية والاجتماعية والسياسية بهزّة عنيفة بسبب السرعة المذهلة التي تتلاحق بها مسيرة هذه السلسلة من الكشوفات العلمية بسبب بدء العمل في المجال الإنساني وبسرعة تفوق قدرة القائمين على الدول والمجتمعات على ضبط هذه المسيرات وتقنينها وإخضاعها لرقابة الأعراف القانونية والأخلاقية في هذا المجال.

ما هي الخريطة الوراثية؟

الخريطة الوراثية هي كشف بقائمة المورثات الإنسانية التي تحملها الصبغيات المتواجدة في نوى الخلايا وقد يتواجد بعضها في مادة النواة السائلة كذلك فهذه المورثات تحمل جميع الصفات المحددة للنوع الإنساني فالخريطة الوراثية هي كشف علمي أشبه ما يكون بورقة التعليمات التي تصاحب كل آلة من الآلات التي تشتريها حيث يأتي فيها اسم أجزاء الآلة ووظيفتها وآلية تركيبها وتفكيكها.

وهذه المورثات تتواجد على أشرطة صغيرة ملتفّة بعضها على بعضها الآخر على شكل حلزونات داخل نوى كل خلية من خلايا الجسم الإنساني وهذا يعني أن كل خلية من خلايا أجسامنا تحمل شريطاً مسجلاً من المورثات التي ورثنا نصفها من الأم ونصفها من الأب وبشكل متساو تماماً.

هذا الشريط يحمل تلك الميزات التي تجعل كلاً منا إنساناً كما تجعل كل إنسان مخلوقاً متميزاً عن غيره من بني الإنسان.

وبصورة عامة فإن هذه الخارطة ليست إلا الأبجدية الإنسانية لما يوجد داخل نوى خلايانا من مادة وراثية على شكل مورثات تحمل كل منها صفاً وراثياً على الأقل.

وقد كان الدخول إلى الخلية الأصل الذي فتح باب العلم على مصراعيه لتطوير المفاهيم الجديدة عن العلم وعن الحياة في محاولة جادة من قبل العلماء للإجابة عن الأسئلة التي تؤرق البشرية وهي:

من أين جئنا؟ من نحن؟وإلى أين نمضي؟

ولقد مضى قرنان قبل أن نشهد ثورة المعلومات الحيوية التي تعيشها الإنسانية اليوم دون أن تثير هذه الكشوفات دهشة ولا استغراب الملمين بشيء من الطبيعة ذلك أن هذه النتائج ترتبت بالضرورة على انفراط عقد السلسلة التي كانت بدايتها فرضية التطور بما لها وما عليها مروراً بكشوفات مندل والفتوحات التي ترتبت عنها وانتهاء اليوم بالإعلان عن الوصول لخريطة الجينات البشرية.

هذا الحصن المنيع الذي يدعى الخلية وهو أصغر وحدة في عالم الأحياء من إنسان ونبات وحيوان هو الوحدة البنيوية للأجسام وفيه يكمن سرّ الحياة وسرّ تنوع الحياة.

فمنذ اخترق العلماء هذا الحصن المنيع الذي يدعى الخلية بدأت بقية الحصون بالتداعي الواحد تلو الآخر فدخل العلم النواة ثم وصل إلى الصبغيات حتى كشف عن المورثات المصفوفة على الصبغيات ومروراً باستنساخ النعجة دوللي.

وقد أدى تلاحق هذه الكشوفات بمثل هذه الكثافة إلى بلبلة كبيرة ومخاوف في جميع الأوساط الحكومية والعلمية والدينية والشعبية وفي جميع بلدان العالم وذلك خوفاً من استخدامها استخدامات غير أخلاقية خاصة في مجال إجراء التجارب على البشر والتي أصبحت واقعاً معروفاً في العديد من الدول التي تتمتع بتقدم علمي تقني رفيع المستوى.

وهذا الأمر دفع الباحث فنتر إلى المطالبة  بما يسمى ببراءة اختراع فيما يخص العمل في الخارطة الوراثية تحدد مجال البحوث فقط في تلك المورثات التي تتمتع بخاصية علاجية أو يمكن استخدامها في هندسة وإنتاج الأدوية.

ويبقى العلم والتطور العلمي سلاحاً ذي وجهين فهو نعمة إن استخدم في اتجاه تطوير العلاجات والأدوية.  

Report

Written by samar hana

What do you think?

Leave a Reply